الاثنين، 1 يوليو 2013

ميريت (2)








رغم تباين أراء أصدقائى حول الحلقه الأولى من الرواية إلا أنى على كل حال قررت أن استمر فى السرد .. كى أنصاع لرغبة من يريد استكمال القصة .. وأحرق دم اللى مش عاوز ^_^
"هايدى الشافعى"
 ---------------------------------------------------------




ميريت
(2)


بينما كنت استرق السمع فى شرفتى لأستوضح أكثر معالم الصوت ومصدره أفزعنى رنين الهاتف المزعج الذى لا يأتى أبدا فى الموعد المناسب

مؤكد انها والدتى تريد أن تطمئن هل تناولت العشاء؟ أم نسيت كالعادة ؟ تلك الأمهات لا ييأسن ابدا من التكرار ولا يُدركن حقيقة اننا كبُرنا ولم نعد بحاجه لمن يحضر لنا "الرضعه" أو يبدل لنا ثيابنا المبتله !

أو ربما هى إحدى زميلاتى بالجريده التى التحقت بالعمل بها حديثاً تريد ان تطلعنى على أمر ما قد قض مضجعها وزارها بالمنام ملوحا لها بضرورة اخبارى الآن بحيث لا يمكن تأجيله للصباح فانتفضت منتبهه لتبلغنى به على الفور غير عابئه بحالى

على كل حال من الجيد ان الرنين قد توقف فقدت بت أفقد أعصابى بالفعل

صوت نباح كلب جارى العجوز الذى إشتد فجأه لا أراه يُنذر بالخير

أكره الكلاب ، ولا أدرى ما المتعة التى قد يجدها البعض فى إقتناء حيوان ضخم دائم الإزعاج بنباحه الذى أحيانا لا ينقطع ومتطلباته التى لا تنقضى أبدا .. دعك من أنه إذا ما قرر أن يقضى حاجته فى غير المكان المخصص لذلك ستكون كارثة بكل المقاييس !

لم يكن أمامى سوى أن أذهب بنفسى للجوار وأرى ماذا يحدث هناك لربما كان أحدهم بحاجه للمساعدة
التقطت شالى الأسود الذى كان يستكين على ظهر الكرسى حيث كنت أرقد منذ دقائق وانصرفت مسرعه الى خارج شقتى 

توجهت مباشرة الى الشقة الملاصقه لشقتى ومددت يدى لأكبس زر الجرس لكنى تراجعت فى اللحظة الأخيرة ، وما يدرينى ربما يكون ثمة لص خلف ذلك الباب لن أقوى على مواجهته وحدى .. وعلى أفضل الظروف ان كان الساكن قد أصابه أذى ما فلن تستطيع عضلاتى الواهنه حمله والعدو به لأقرب مشفى .. اذاً لا مفر من طرق أحد هذين البابين الآخرين

وبعد استبعاد شقة السيدة العجوز "إستر" التى لا تتوانى عن الصراخ فى وجه كل من تسول له نفسه ان يقول لها (صباح الخير) ، لم يعد أمامى سوى شقته !

(عبدالسلام جعفر) ذلك العجوز الأحمق ذا النظرة المرعبه لا مفر الآن من الاستعانه به وبكلبه الضخم البغيض
كبسه واحده على زر الجرس وانفتح الباب سريعا وكأنه كان ينتظرنى ..
من وراء الباب خرج عليّ العجوز (جعفر) بثياب نومه وشعره الغير مهذب يعبث بكلتا يديه بعينيه الغائرتين ليزيدهما عمقاً طاردا النعاس لغير رجعه ...

-        ماذا حدث ؟ هل احترق منزلك ؟ أم جئتى فى طلب استشاره من اسامه منير ؟
تلعثمت من هيئته لكنى سرعان ما استعدت بديهتى .. فأجبته :
-        كلا لم يحدث مكروه بمنزلى وأعتقد اننى قادرة على حل مشاكلى بنفسى دون الاستعانه بالجيران فى منتصف الليل
-        جيد انكِ تعلمين اننا تعدينا منتصف الليل بساعة ونصف ، وانت تطرقين شقة رجل أعزب فى ذلك الوقت المتأخر

تجاهلت وقاحته تلك فانا أدرك ان عمله السابق لسنوات طويله بالقوات المسلحة جعله شخص فظ لا يحتمل
-        يا سيدى انها تلك الشقه بالجوار لقد سمعت صوت ينبعث منها وانا جالسه فى شرفتى منذ قليل ، من الواضح ان هناك شخص ما يستغيث ولا يقوى صوته المكتوم على ان يفارق حنجرته ربما هو يختنق .. هلا ساعدتنى فى استكشاف الأمر ؟

لم يتلفظ بكلمة لكنه خرج من داره وسار معى نحو شقة الجار المستغيث
كان هو فى الصداره وانا خلفه مباشرة ، صدقنى ليس خوفا ولكن تحسبا لحدوث أى أمر طارئ فلربما ظهر أحدهم فجأه وأطاح برأسه بعيدا عن جسده وارتحت انا من حماقته .. قضاءً وقدر

طرقنا الباب كثيرا ووقفنا ننتظر حتى جاءنا الرد من الداخل ..
خرج علينا رجل أربعينى بدين أصلع إلا من بعض الشعيرات على جانبى رأسه ، متوسط الطول يتفصد عرقا وكأنه خارج لتوه من غرفة "الساونا" .. سألنا بغضب :
-        ماذا تريدون ؟

نظر أحدنا الى الآخر ثم قرر (جعفر) ان يتصدر الصورة ويتحمل نتيجة سيره وراء خرافات امرأه ..

-        كل خير يا سيد (رزق) .. فقط سمعنا صوت جلبه فاستشعرنا بالخطر وانه ربما يكون مصدرها دارك فجئنا لنطمئن عليك لا أكثر .. فهل انت على ما يرام ؟

هدأت حدة صوته وانخفضت نبرته ثم أجاب :
-        لا بأس انا بخير شكرا لكم 

انصرفنا بعد أن دلف السيد (رزق) الى داخل داره وأغلق الباب ، التفت اليّ العجوز (جعفر) ثم رمقنى بنظره ناريه كادت ان تحرقنى فى مكانى ، انسحب على إثرها من أمامى ودلف الى داره هو الآخر وأغلق بابه دون أن يتفوه ببنت شفه !
بخيبة أمل يشوبها بعض الراحه لعدم صدق ظنونى دلفت انا الأخرى الى شقتى وقد إكتفيت بما حدث ، مررت عبر الصالة الى غرفة نومى واستعددت للنوم ، نزعت عويناتى ووضعتهما على المكتب بجوار الفراش ، أطفأت المصباح ثم غوصت بجسدى أسفل الغطاء آمله فى نوم عميق ، وما أن وضعت رأسى على الوساده حتى عاد المشهد نفسه أمام أعينى مره ثانية ..

لماذا كان الرجل يتفصد عرقا بينما نحن فى شهر ديسمبر ؟!! هل يمكن ان تكون السمنه هى السبب !

طردت الهاجس من مخيلتى فمن الواضح أننى أسرفت فى قراءة الروايات مؤخراً وقد أثر ذلك على تفكيرى بشكل أو بآخر ، تناولت قرص مهدئ وغطت فى نوم عميق

فى الصباح ..

صحوت على صوت جلبه بالخارج هممت بالقيام من فراشى لأستكشف الأمر .. فوجئت بالسيد (جعفر) وحوله الكثير من سكان العقار ممن رأيتهم سابقاً وممن لم أشرف برؤيتهم قبل الآن .. والكثير من رجال الشرطه والاسعاف !

كاد الفضول أن يقتلنى شغفاً فتوجهت للسيد "جعفر" لأسأله عما يدور بالضبط ؟

اتسعت عيناه أكثر وبدت ملامح الريبه التى لا تفارق وجهه بارزة تكاد تنطق هذه المره .. بصوت رخيم أجابنى :

-        انه السيد (رزق) عُثر عليه منذ ساعات مختنق بشقته ..


ثم رفع إحدى حاجبيه لأعلى وضيّق حدقة عينه كالصقر واستطرد حديثه بلهجه لا تخلو من الاتهام..
-        لم تحدد النيابه بعد ان كانت هنالك ثمة شهبه جنائية فى الوفاة ام لا !!!


يتبع ......



لقراءة ميريت (1)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق